في الجيش الإسرائيلي يتفاخرون بتحسين جهاز الإنذار، لكن الصورة الحقيقية قاتمة أكثر بكثير
على ضوء المناورة الواسعة التي بدأها جيش العدو الإسرائيلي أمس الأول في المنطقة الشمالية لفلسطين المحتلة والتي تحاكي حرب متعددة الساحات يخوضها جيش العدو، خصوصاً مع حزب الله، علّقت وسائل إعلام العدو على نقاط الضعف "القاتلة" التي تعاني منها المستوطنات الشمالية وبالأخص القريبة من الحدود اللبنانية، حيث أنها تفتقد إلى الغرف المحصنة التي سيختبئ فيها المستوطنون تجنباً للكم الهائل من الصواريخ التي سيطلقها حزب الله.
وفي هذا السياق نشرت صحيفة "إسرائيل هيوم" العبرية، مقالاً لمراسلة الشؤون العسكرية في الصحيفة "ليلاخ شوفال"، تحت عنوان "في الجيش الإسرائيلي يتفاخرون بتحسين جهاز الإنذار، لكن الصورة الحقيقية قاتمة أكثر بكثير"، حيث سلّطت الضوء على ما أسمتها "الحقيقة القاتمة" التي تواجه الصهاينة في حال إندلاع "حرب الشمال الأولى" والمتمثلة بعدم وجود مساحات محصّنة تستوعب أعداد المستوطنين في الشمال.
فيما يلي نص المقال المذكور أعلاه:
ليلاخ شوفال - مراسلة الشؤون العسكرية في صحيفة "إسرائيل هيوم" العبرية
مناورة الجبهة الداخلية الوطنية، الجارية في هذا الأسبوع، تبلغ ذروتها الأربعاء، في مناورة جهاز الإنذار في جزءٍ من المستوطنات في أنحاء إسرائيل. صافرات الإنذار ستُسمع بين الساعات 10:00 إلى 11:00 و18:00 إلى 19:00، خصوصًا في المستوطنات حيث وقت الاحتماء مختلف وفي المدن التي قُسّمت إلى مناطق إنذار.
في الجيش الإسرائيلي يتفاخرون بتحسينٍ ملحوظ في جهاز الإنذار في السنوات الأخيرة، وفي تحجيم التقسيمات بحيث انه مع إطلاق كل قذيفة صاروخية، مواطنون أقل سيضطرون للدخول إلى مساحاتٍ محصّنة. لكن الحقيقة القاتمة هي انه بعد أكثر من 15 سنة على حرب لبنان الثانية (2006)، حوالي 30% من مواطني دولة إسرائيل ليس لديهم تحصين في حال سقوط صواريخ، وفقط 42% لديهم غرف تحصين "مماد" معيارية في منازلهم.
حوالي 20% من مواطني دولة إسرائيل لديهم ملاجئ خاصة مشتركة، بصورة عامة في الطابق السفلي من المبنى الذي يقيمون فيه، و10% آخرين يُعتبرون ذوي تحصين، كونه توجد ملاجئ عامة بالقرب من منازلهم. لكنه ليس سرًا كبيرًا بأن هذه الملاجئ ليست مناسبة وسويّة دائمًا للمكوث فيها خلال حرب. والمشكلة الأكبر هي تحديدًا في الملاجئ الخاصة، التي الكثير منها مُهمل ويُستخدم لأغراضٍ خاصة.
بحسب التقديرات، يُلحظ ان حرب لبنان الثالثة، أو حرب الشمال الأولى، لن تشبه حتى حرب لبنان الثانية، وبالتأكيد ليس العمليات الأخيرة في غزة، التي اعتاد فيها الجمهور الإسرائيلي على الدفاع النشط ونسب اعتراض مرتفعة بحوالي 90% للقبة الحديدية.
على ضوء ترسانة الوسائل القتالية لدى حزب الله، أيام القتال في الجولة القادمة ستكون أصعب مما اعتدنا عليه. التقدير هو ان المعدل الوسطي للقذائف الصاروخية التي ستُطلق على إسرائيل في كل يوم سيكون أكثر من 1000 أو 1500 – حوالي ثُلثها نحو وسط إسرائيل. وإذا لم يكن هذا كافيًا، حزب الله يمتلك أيضًا ترسانة قذائف هاون ثقيلة، غايتها استهداف المستوطنات المحاذية للسياج الحدودي، بأعدادٍ كبيرة جدًا، وكذلك عدة عشرات من القذائف الصاروخية الدقيقة التي تُقلق كثيرًا قادة المؤسسة العسكرية، حيث ان بمقدورها ضرب بنى تحتية وطنية ومواقع استراتيجية في إسرائيل بدقة عالية.
يُشدد على ان منظومة "القبة الحديدية" ليست غير محدودة، ومن أجل الاحتفاظ بما يكفي من الصواريخ الاعتراضية وحماية مواقع استراتيجية، ليس مستبعدًا ان تنتهج دولة إسرائيل سياسة أولوية ولا تحمي كل التجمعات السكانية المدنية، مثلما حصل في عمليات في الجنوب.
لكن الفجوات المُقلقة حقًا تتصل بالمستوطنات المحاذية للسياج الحدودي، التي ستتلقى غالبية النيران في مخطط قتال شمالي. بحسب المؤسسة الأمنية والعسكرية، من أجل بناء غرفة تحصين "مماد" مناسبة للحماية من التهديد، فقط في المستوطنات الإحدى والعشرين المحاذية للسياج، الواقعة على مسافة تصل إلى 1 كلم من الحدود، الأمر يتطلب ميزانية حوالي نصف مليار شيكل. في هذا الأسبوع، بعد سنواتٍ من البيروقراطية والتسويف، انطلقت خطة تحصين خُصص لها فقط 100 مليون شيكل من ضمن نصف مليار شيكل مطلوبة للخطة، والتقدير هو انه سيتم بعد إقرار قانون الميزانية للسنة القادمة تخصيص 250 مليون شيكل إضافية للمشروع.
الحل: تخصيص موارد
من أجل تحصين المستوطنات ضمن مسافة تصل إلى 9 كلم من الحدود الشمالية بصورة معقولة، وإضافة مركّبات تحصين إضافية للمستوطنات التي تقع ضمن مسافة 40 كلم من الحدود، مطلوب ميزانية لا تقل عن 5 مليارات شيكل، وعلى الأقل حاليًا، لشديد الأسف، لا يبدو ان هذا ضمن سُلّم أولويات حكومة إسرائيل.
في الجنوب أيضًا، الوضع ليس باهرًا. على ضوء التهديد الثقيل من قطاع غزة، كل مستوطنات الغلاف، ضمن مسافة تصل إلى 7 كلم من الحدود، صحيح انها حُصّنت، لكن كما رأينا في عملية "حارس الأسوار"، عسقلان أيضًا تلقّت مئات القذائف الصاروخية، وتوجد مئاتٌ كثيرة من الوحدات السكنية دون مساحة محصّنة. الميزانية المطلوبة لكل غرفة تحصين "مماد" في كل شقة في هذه المدن هي ميزانية خيالية، وفي الجبهة الداخلية يقترحون حاليًا حلًا مرحليًا أرخص بكثير يقضي بتحصين غرف السلالم في المباني المشتركة.
ويعتقدون في الجبهة الداخلية انه يجب أيضًا تقليص البيروقراطية لبناء غرف التحصين "مماد"، وربط تحصين المباني بمشروع ترميم الأحياء في وزارة البناء والإسكان، وتحفيز مقاولين على تنفيذ خطة "إخلاء – بناء"، أيضًا في الضواحي والأرياف وليس فقط في وسط إسرائيل. لكن كيفما أدرنا الأمر، إذا لم تُدخل الدولة يدها عميقًا في جيبتها، وتخصص مبالغ ضخمة جدًا، فجوات التحصين في كافة أنحاء إسرائيل ستبقى لسنواتٍ طويلة.