الشيخ قاسم: انتصار فلسطين شكّل محطة استراتيجية ومنعطفاً تاريخياً

Image

أكد نائب الأمين العام لحزب الله سماحة الشيخ نعيم قاسم أن تحرير العام 2000 شكّل منعطفاً إستراتيجياً في حركة الصراع مع العدو "الإسرائيلي"، لأنه أسّس لمرحلة جديدة لم تكن معالمها واضحة خلال المرحلة السابقة.

وفي حوارٍ شامل مع إذاعة النور، ضمن برنامج "السياسة اليوم"، شدد الشيخ قاسم على أن انتصار أيار عام 2000 أعاد الحيوية والتصميم على المقاومة والمواجهة إلى الشعب الفلسطيني، ما يعني أننا أمام انعكاس مباشر أسّس عليه الاخوة الفلسطينيون، لافتاً إلى أن مقولة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله "إسرائيل أوهن من بيت العنكبوت" كانت محطة تاريخية مهمة لها علاقة مباشرة بالتحرير، الذي أعاق فرص التسوية في المنطقة، حيث كلّ التطورات تصبّ اليوم في "مصلحة أن القدس أقرب إلى التحرير".

وقال الشيخ قاسم إن التحرير كان تكليفاً شرعياً وواجباً وطنياً بكلّ ما للكلمة من معنى، وهو انتصارٌ إلهيّ أُهدي إلينا لأننا كنا مخلصين وصادقين، وأضاف: "الإعداد للتحرير أساسيّ ولم نوفّر أي جهد، ونمت قدراتنا بشكل تدريجي، وفي كل محطة كنا نتطلع إلى رضا الله تعالى وإلى تحقيق النصر".

وقال سماحته إن تحقيق الانتصار بعد عدوان عام 1993 ودون أن تحقق "إسرائيل" أهدافها جعلنا نشعر بأننا نملك القوة بما يكفي للصمود مدّة من الزمن، ونيسان عام 1996 أشعرنا بقوة إضافية، فيما تحرير عام 2000 أشعرنا بقوة أكبر، أما في عدوان تموز 2006، فتبيّن أننا نمتلك من القوة ما يكفي لنؤسس عليها، مشدداً على أن المقاومة ليست محصورة بحزب الله، لا سابقاً ولا الآن ولا لاحقاً.

وأضاف الشيخ قاسم أنْ لا عمل مقاوم إلا ويحتاج إلى بيئة حاضنة، وهي تمثلت بـ"حركة أمل" وحزب الله وجمهورهما والجيش اللبناني، و"نحن رفعنا شعار ثلاثية الشعب والجيش والمقاومة، وهذا هو العمل المقاوم المشترك الذي نؤكّده".

وعن معركة "سيف القدس" في فلسطين المحتلة، أكد نائب الأمين العام لحزب الله أن انتصار فلسطين شكّل محطة استراتيجية ومنعطفاً تاريخياً، وهو ليس انتصاراً عادياً، مشدداً على أن ما أنجزته المقاومة الفلسطينية والشعب الفلسطيني أمرٌ كبيرٌ جداً سنؤسّس عليه من الآن فصاعداً، وأن الحرب الأخيرة مضيئةٌ في التاريخ الفلسطيني.

وشدد الشيخ قاسم على أن وحدة الفلسطينيين منعطف كبير جداً نسَف كل ما بنته "إسرائيل" خلال عقود سابقة كي تصبح فلسطين قضايا عدّة لا قضية واحدة، وهذا يشكّل انتصاراً، لافتاً إلى أن الكيان "الإسرائيلي" كان بحال قلق، وهو تأثّر بصفارات الإنذار وأصوات الصواريخ ومكان سقوطها، وهذا ما شهدناه كخسائر.

ولفت الشيخ قاسم إلى المعادلة الواقعية باتت تقوم على ارتباط القدس بغزة وفلسطين، مشدداً على أن لا نجاح للمقاومة بدون تضحيات، وإذا ما قارنّا التضحيات بما حدث في فلسطين نقول إن هذا النصر تاريخي واستراتيجي يُؤسس عليه.

ورأى الشيخ قاسم أن أعظم عنوان للانتصار اليوم هو أنه لم يعد هناك أيّ جزء من فلسطين لا علاقة له بفلسطين، فكلّ فلسطين اليوم تقاوم، مشدداً على أن فلسطين والقدس أرضٌ للفلسطينيين ويجب أن تعود إليهم كاملة من البحر إلى النهر.

ولفت الشيخ قاسم إلى أن الاتفاق نصّ على وقف إطلاق النار، والمقاومة لم تعطِ التزامات، مؤكداً أنه سيتم رفع الحصار عن غزة ولو بشكل تدريجي، كما سيتمّ إعادة إعمار غزة، والمقاومة لها خياراتها إن لم تتم المعالجة.

وقال الشيخ قاسم: " كنا كحزب الله على تواصل يومي وتفاعل يومي مع الأحداث الجارية في فلسطين، ونجري اتصالات يومية مع قيادات المقاومة ومع المجاهدين"، ولفت في هذا الإطار إلى موقف حزب الله الداعم للمقاومة الفلسطينية بكل الإمكانات، مضيفاً: "ما علينا القيام به نقوم به في الوقت المناسب ونحدد ماهيته".

وأضاف نائب الأمين العام لحزب الله: "الإسرائيلي انكشف بأنه يقتل المدنيين ويعتدي على النساء والأطفال ويدمّر المباني وهذه الصورة العالمية لخصوصية ومظلومية فلسطين أقوى في تحقيق النصر والنتائج، وحزب الله كان موجوداً بإعلامه واستعداده".

وأكد الشيخ قاسم أن "إسرائيل" قائمة على العدوان والحروب والتهجير لتوسيع وجودها على الأرض ورسم حدود الكيان "الإسرائيلي"، ولا إمكانية لاستمرارها إلا بحروب متكررة تقوم بها، وشدد على أن من يدفع الحروب ويحقق الإنجازات هو المقاومة حصراً ، لأن الأنظمة القائمة الخاضعة للأميركيين والغرب والمنظومة الدولية لا تملك خياراتها في بلدانها، فكيف لها أن تملك خياراتٍ حيال فلسطين؟

وقال الشيخ قاسم: إذا كان الأميركي يريد حلّ قضية فلسطين، فليس ذلك في "حلّ الدولتين" وفق ما يقول الرئيس الأميركي جو بايدن، بل هو في إعادة فلسطين إلى أهلها وإعادة الصهاينة إلى البلدان التي أتوا منها.

وقال سماحته: "حين يكون الانتصار مرحلة فعلينا أن نتوقع مواجهات وتضحيات ومراحل أخرى، وطالما أن نتيجتها الانتصار فعلينا أن نتحمّلها، خاصة أن مشروع المقاومة هو مشروع مجموعة بلدان وشعوب قليلة جداً إذا ما قارنّاها بالمجتمع الدولي والاستكبار العالمي".

وأكد الشيخ قاسم أن محور المقاومة متفاعل ومتعاون وفق ما تقرر أيّ جهة من هذا المحور حاجاتها ومتطلباتها، وقال في هذا المعرض: "لن نُخضِع توقيت مشاركة كلّ محور المقاومة للنقاش الإعلامي والسياسي"، معتبراً أن درّة التاج عند محور المقاومة هو الإيمان والاستعداد للجهاد والتضحية، وكل ما يمكن أن نصل إليه كإعداد واستعداد للمقاومة لن نوفّره ولن نقصّر فيه.

ورأى الشيخ قاسم إن "حركة حماس" ستعود إلى سوريا قريباً والجهود المبذولة لذلك قطعت شوطاً هاماً واضاف: "المعركة في فلسطين تقول إننا اصبحنا على طرق عودة العلاقات بين حماس وسوريا".

ورأى الشيخ قاسم أن ما صنعه اليمن كان مميزاً واستراتيجياً في المنطقة، فهو كسر الطوق وأعاد للشعب اليمني إستقلاله، في مقابل التخبّط في جنوب اليمن والنزاعات بين دول الدعم، معتبراً أن استعداد اليمنيين للقتال ضد الصهاينة مفخرة، فهم صادقون وهم حقيقةً مع فلسطين.

وعن المناورة "الإسرائيلية" الأخيرة على الحدود مع لبنان، قال الشيخ قاسم: "لم يكن لدينا معلومات تفيد باستغلال إسرائيل المناورة الأخيرة لشنّ حرب على لبنان"، وسأل: "إذا كانت هذه المناورة لجبهاتٍ متعددة ألغيت وأُجّلت وحلّ مكانها عملٌ عسكري في جبهة واحدة لم تحقق فيه إسرائيل إنجازاً، فهل يمكن لها أن تنجح في ضرب أماكن عدّة في محور المقاومة؟".

وأكد سماحته أن العدو "الإسرائيلي" لم يشنّ حرباً جديدة على لبنان لأنه يعلم أنه سيُصاب بالهزيمة والفشل، ولأن المقاومة قادرة على تحقيق الانتصار، وهذا ما أجّل الحرب المحتملة على لبنان وأيّ عمل عدواني كبير على فلسطين.

ورداً على سؤال، قال الشيخ قاسم: "لسنا معنيين بأن نناقش من أطلق الصواريخ من جنوب لبنان أو هل يصحّ إطلاقها"، مؤكداً أن ثمة جهات معنية بمتابعة هذا الملف.

 وفي الشأن الحكومي، رأى الشيخ قاسم أن عدم تأليف الحكومة لأسبابٍ داخلية بات قريباً من نسبة المئة بالمئة، والسعودية غير مبالية بما يجري في لبنان ولا قدرة لها على التدخل ولا تريد أن تتدخل، وأضاف: "نحثّ ونتمنى أن يحصل التأليف الحكومي ببعض التنازلات، لأنه أفضل من إبقاء لبنان بهذه الصيغة".

وأكد الشيخ قاسم موقف حزب الله الرافض لرفع الدعم، وقال في هذا الإطار: "نحن ضد رفع الدعم كلياً، وأي آلية لترشيد الدعم يجب أن تكون موزونة وموضوعية ومصاحبة للبطاقة التمويلية أو التموينية".