ارتباك واستغاثة وتضليل: مؤشّرات هزيمة مأرب تتسارع
يواجه تحالفُ العدوان على اليمن ورعاته مأزقاً كبيراً في مأرب، نتيجة الفشل في محاولات وقف تقدُّم قوات الجيش و»اللجان الشعبية»، أو التأثير على القيادة السياسية في صنعاء عن طريق ممارسة الضغوط السياسية عليها، وابتزازها بالملفّ الإنساني، توازياً مع استمرار التضليل الإعلامي. وتأتي تلك المحاولات بعد تصاعُد وتيرة الانهيار والارتباك في صفوف القوات الموالية للتحالف السعودي - الإماراتي، من جرّاء استمرار خسائرها في المعارك التي تقترب بشكل متواصل من المدينة. في المقابل، تستمرّ قوات صنعاء في تثبيت المواقع التي وصلت إليها، ولا سيّما في الطلعة الحمراء، في الوقت الذي تعكف فيه حالياً على الإعداد لاستكمال تحرير مركز المحافظة.
المشاركون في الحملة على إبراز الدور المحوري لمحافظة مأرب بالنسبة إلى «الشرعية»، واصفين المعركة هناك بأنها «مصيرية»، وأنها «سوف تُحدّد مستقبل اليمن لعقود قادمة»، معتبرين أن «دعم مأرب لا بدّ أن يكون أولوية لكلّ اليمنيين، وللعرب أيضاً، كون المعركة مرتبطة بمصير الجمهورية». وأجمع هؤلاء على أنه من دون مأرب «لن تكون هناك شرعية، وسيذهب هدف استعادتها سدًى وينتهي دورها». وبالتزامن مع تلك الحملة، غرّد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، على «تويتر»، بأن «على المجتمع الدولي أن يسأل نفسه لماذا يسعى الحوثيون إلى حلّ عسكري للصراع بهجومهم على مأرب، بغضّ النظر عن العواقب الإنسانية الهائلة». وهو ما ردّ عليه عضو المجلس السياسي لـ»أنصار الله»، محمد البخيتي، بالقول إن «النفاق أصبح سياسة أميركية معتمَدة، لأن العدوان والحصار والاحتلال أعمال عسكرية هجومية وليست سياسية. ومأرب ضحية الاحتلال، وتحريرها سيُمكّن اليمن من استعادة جزء من ثرواته المنهوبة، لكسر الحصار على المشتقّات النفطية وتلبية احتياجاته الغذائية».
ومن ضمن خطّتها للحفاظ على معنويات المقاتلين وتماسك الجبهات، تعْمد وسائل إعلام «التحالف» ووكلائه إلى التعمية على الأحداث، وبثّ أخبار تُكذّب سقوط المواقع الحيوية، على رغم تأكيد وسائل إعلام عالمية تلك الوقائع، كما حصل في الكسارة والطلعة الحمراء. وفي هذا الإطار، بثّت شبكة «سي إن إن» الأميركية، بداية الأسبوع، تقريراً من الخطوط الأمامية لقوات هادي بالقرب من مدينة مأرب، وصف الوضع في المدينة بالهشّ. وكان وصل مراسل الشبكة إلى المكان برفقة قائد الأركان صغير بن عزيز، ووزير الإعلام معمر الإرياني، حيث بدا على الجميع الارتباك خشية استهدافهم من قِبَل قوات صنعاء.
عن إصابة مدير مكتبه في المدينة، العميد عبد الله العرار.
في غضون ذلك، وفي ما وُصف بحركة إعلامية بائسة ويائسة، عقد محافظ مأرب، سلطان العرادة، اجتماعاً لمسؤولي السلطة المحلية في المحافظة، أحيط بالسرّية التامّة خشية استهدافه من قِبَل الجيش و»اللجان». ودعا العرادة، في الاجتماع، إلى التعبئة العامة لدعم المدينة، وحضّ «شباب اليمن» على أن «يهبّوا للدفاع عن وطنهم، والانخراط في صفوف الجيش الوطني». وفي الوقت ذاته، قال العرادة إن «مأرب قادرة على الدفاع عن نفسها، ولن يصلها الحوثي». وتحدّى الجيش و»اللجان» بأن «الوصول إلى النجوم في السماء أقرب من الوصول إلى مأرب»، وهي العبارة نفسها التي استخدمها قبل تحرير معسكر الماس في بداية الهجوم على مأرب.
في المقابل، وفي محاولة لسحب الورقة الإنسانية التي تُستخدم كذريعة للضغط على حكومة صنعاء، سهّلت الأخيرة وصول الإمدادات الغذائية إلى مخيّمات النازحين في مأرب. وهذا ما أكدته الأمم المتحدة عبر نائب المتحدّث باسم أمينها العام، فرحان حق، الذي أعلن أن المنظمة الدولية بدأت، الثلاثاء، تسيير رحلات جوّية منتظمة للمساعدات الإنسانية إلى محافظة مأرب، بالتنسيق مع «أنصار الله». إذ قال، ردّاً على سؤال: «حتى تعمل الخدمات الجوية الإنسانية بشكل جيد، فإنها تحتاج إلى تصريح من جميع السلطات المعنيّة على الأرض، ولذلك تواصلنا مع سلطات الأمر الواقع (جماعة الحوثي) للتأكّد من إمكانية حدوث ذلك».
المصدر :جريدة الاخبار