أوسع هجوم يمني في العمق السعودي
بعد أيام من توعُّد قوات صنعاء بتنفيذ ضربات مؤلمة ضدّ السعودية في حال استمرارها في تصعيدها الجوي وحصارها البحري لإمدادات الوقود قبالة ميناء الحديدة، نَفّذت القوة الصاروخية وسلاح الجوّ المُسيّر التابعان للجيش و"اللجان الشعبية"، أمس، أوسع عملية لهما ضدّ مواقع عسكرية واقتصادية داخل العمق السعودي. واستهدفت العملية، التي أعلنها رسمياً المتحدّث باسم قوات صنعاء العميد يحيى سريع، مساء أمس، مناطق وقواعد عسكرية في جيزان وعسير والدمام، بالإضافة إلى ميناء رأس تنورة الواقع في الجهة الشمالية الشرقية لمدينة القطيف، والذي يُعدّ أحد أكبر موانئ المملكة، وتتجاوز صادرات النفط السعودي عبره أكثر من 80% من إجمالي صادرات المملكة. وأشار سريع إلى أن عملية "توازن الردع السادسة تأتي في إطار الحق الطبيعي والمشروع في الردّ على تصعيد العدوان وتشديد الحصار"، مُبيّناً أنها نُفّذت "بعشر طائرات مُسيّرة من نوع صماد 3 وصاروخ من نوع ذو الفقار استهدفت شركة أرامكو في ميناء رأس تنورة وأهدافاً عسكرية في الدمام، فيما استهدفت مواقع عسكرية أخرى في مناطق عسير وجيزان بـ 4 طائرات مُسيّرة من نوع قاصف 2k و7 صواريخ من نوع بدر، وكانت الإصابة دقيقة"، مُتوعّداً بمزيد من "العمليات الموجعة" طالما استمرّ العدوان والحصار. واعترفت السعودية، من جهتها، بالعملية التي تُعدّ الثانية من نوعها في غضون أسبوع، بعدما كان طيرانها قد شَنّ، ظهر أمس، سلسلة غارات جوّية على العاصمة صنعاء، استهدفت أحياء سكنية كحيّ النهضة ومقرّ "الفرقة الأولى ــــ مدرّع" سابقاً ومنطقة عطان، ما أدّى إلى سقوط عدد من الجرحى وتضرّر الممتلكات. وأصدرت البعثة الدبلوماسية الأميركية في السعودية، بدورها، إرشاداً بناءً على ما سمّتها "تقارير عن احتمال وقوع هجمات صاروخية وتفجيرات في مدن الظهران والدمام والخبر في المنطقة الشرقية"، داعيةً رعاياها إلى "مراجعة الاحتياطات الواجب اتخاذها، والبقاء في حالة تأهُّب".
مصاعب في عملية التحشيد السعودية: قوات صنعاء تصل إلى الحدود الإدارية لمأرب
تواجه السعودية صعوبات في عملية التحشيد التي تقودها من أجل تعزيز جبهات مأرب، بفعل تضارب المصالح بين القوى المنضوية تحت لوائها. يأتي ذلك في وقت وصلت فيه قوات صنعاء إلى الحدود الإدارية لمدينة مأرب، على وقع استمرارها في العمليات الجوّية ضدّ المملكة، والتي كان آخرها وأوسعها ما أُعلن مساء أمس، واعترفت به الرياض، وحذّرت منه واشنطن
صنعاء | على امتداد خطوط النار الملتهبة في محيط مدينة مأرب، خاض الجيش اليمني و»اللجان الشعبية» مواجهات عنيفة خلال الساعات الـ 48 الماضية، مع قوات الرئيس المنتهية ولايته، عبد ربه منصور هادي، والميليشيات المساندة لها. وفي ظلّ ظروف جوّية متردّية، وعلى رغم غطاء جوّي كثيف وفّره طيران التحالف السعودي ــــ الإماراتي للقوى الموالية له، تَمكّنت قوات صنعاء من الوصول إلى الحدود الإدارية لمدينة مأرب، وحَقّقت أكثر من تقدُّم باتجاه البوابة الغربية للمدينة، بعد تأمينها جميع المساحات المحيطة بتبّة الذياب التي سقطت تحت سيطرتها يوم الجمعة الماضي، ونقلت المعركة إلى عمق منطقة الدشوش الاستراتيجية المُطلّة على مناطق قريبة من قاعدة صحن الجن العسكرية، الواقعة في الأطراف الغربية لمركز المحافظة. كما أفشلت محاولات قوات هادي، مسنودة بميليشيات سلفية تابعة للسعودية، استعادة ما فقدته في جبهات شرق صرواح وجنوبها، وتحديداً في سلسلة جبال البلقَين الأوسط والقِبْلي، والحماجرة، والمناطق الواقعة جنوبي الطلعة الحمراء. وفي جبهات شمال مأرب التي اشتعلت هي الأخرى خلال اليومين الفائتين، خاض الجيش و»اللجان» معارك شديدة انتهت بسيطرتهما على عدد من المواقع العسكرية الحاكمة في جبهة النضود، لتنتقل المواجهات إلى منطقة الصبايغ، القريبة من الرويك، شرقي منطقة صافر النفطية، شمال مأرب.
التقدُّم الجديد لقوات صنعاء، ووصولها إلى الحدود الإدارية لمدينة مأرب، وفق تأكيد محافظ المحافظة الموالي لصنعاء اللواء محمد طعيمان، أصاب قوات هادي، التي اعتمدت خلال الأسابيع الماضية على الحرب النفسية لرفع معنويات الموالين لها، بالإرباك، ودفَع بنائب الرئيس المستقيل، الجنرال علي محسن الأحمر، إلى الاستقواء بالسعودية على «القوات الجنوبية» لتعزيز جبهات مأرب عسكرياً. إذ بناءً على طلب الأحمر، الذي يُعدّ ألدّ أعداء «المجلس الانتقالي الجنوبي» الموالي للإمارات، أصدرت ما تُسمّى بـ»غرفة عمليات القوات المشتركة» توجيهاً إلى «القوات الجنوبية» الموجودة في طور الباحة شرقي محافظة لحج، بالتحرُّك لمساندة قوات هادي وميليشيات «الإصلاح» في مأرب. إلا أن تلك التوجيهات، التي قضت بتعزيز جبهات مأرب بأكثر من 3000 مجنّد، والتي نَفّذها محور طور الباحة التابع لـ»الإصلاح»، قوبلت برفض ميليشيات «العمالقة» التابعة لـ»الانتقالي» والموالية للإمارات. وكَردّ فعل على موقف «الانتقالي» الرافض للقتال إلى جانب «الإصلاح»، والمُطالِب بنقل الآلاف من عناصر الحزب المسيطرين على أجزاء من محافظة أبين، فضلاً عن سيطرتهم عسكرياً وأمنياً وإدارياً على محافظة شبوة، وخوضهم سباق سيطرة ونفوذ مع ميليشيات «النخبة الحضرمية» في مديرية غيل باوزير في محافظة حضرموت، أَوقف الجانب السعودي، السبت، «التموين الغذائي اليومي» عن ميليشيات «الانتقالي» التي يتجاوز عديدها 90 ألف جندي. ووفقاً لمصادر مقرّبة من «الانتقالي» في مدينة عدن، فإن «قيادة قوات الواجب السعودي 802 قطعت التموين الغذائي عن كل الفصائل العسكرية والأمنية التابعة للمجلس»، وهو ما أثار سخط نشطاء محسوبين على «الانتقالي»، اتهموا المملكة بالتعامل مع «القوات الجنوبية» كـ»ميليشيات متمرّدة تحت البند السابع»، معتبرين ما قامت به «محاولة لتركيع تلك القوات وإرغامها على تنفيذ رغبات الإخوان في مأرب».
في هذا الوقت، وبينما تواجه قيادة صنعاء ضغوطاً دولية غير مسبوقة لوقف عملياتها في محيط مدينة مأرب، أصدرت وزارة الخارجية في حكومة الإنقاذ بياناً اعتبرت فيه أن التصريحات الأممية والدولية بخصوص جبهة مأرب «تفتقر إلى الحدّ الأدنى من المنطق، وتنتقص حقّها الطبيعي والمشروع في الدفاع عن النفس»، مستغربةً «التركيز الواضح والحصري على هذه الجبهة، والتجاهل التامّ لبقية جبهات الحرب المشتعلة». وفي مقابل تصاعُد القلق الأميركي والبريطاني من تَقدُّم الجيش و»اللجان» في مأرب، أَسدل جهاز الأمن والمخابرات الستار عن «تقرير سرّي» حول علاقة واشنطن والرياض بتنظيم «القاعدة» في المحافظة نفسها، بما يكشف، بحسب قيادة صنعاء، «خفايا الاهتمام الدولي بهذه الجبهة المُلغَّمة بالتنظيمات الإرهابية». وتحدّث التقرير الاستخباري بالتفصيل عن تحرّكات التنظيم ومعسكراته واستراحاته ومنازل عناصره وميادين تدريبهم ونقاط تجمّعهم وانطلاقهم ومصادر تمويلهم ودورهم في القتال إلى جانب «التحالف» في مأرب، وتحديداً في مديريات الجوبة ومراد ووادي عبيدة. وجاء في التقرير أنه «من خلال متابعة نشاط عناصر القاعدة، تَبيّن أن مأرب أصبحت معقلاً رئيسياً لهم بعد تطهير منطقة قيفة» في محافظة البيضاء. وتضمّن التقرير تفاصيل حول الهيكل التنظيمي لـ»القاعدة» في مأرب التي يتّخذ منها التنظيم «إمارة» خاصة به، نَصّب على رأسها المدعو معتزّ الحضرمي. كما تضمّن أسماء أكثر من 100 قيادي وعنصر في ما تُسمّى «ولاية مأرب» التي تتكوّن من مأرب والجوف والبيضاء.
المصدر : جريدة الأخبار